ترى من الذي يحمي النظام الحاكم في مصر، ومن ذا الذي يقوي شوكته علينا ويحفظ عليه حياته؟
لا بد أن هناك شخصا ما لا نعرفه يقدم للنظام الحاكم في مصر ما يحتاجه من الدعم، وإلا لما استمر لهذه المدة الطويلة، و في الوقت نفسه فإن المنطق يفترض أن من أتى بالنظام إلى عرشه، لا بد وأنه هو الذي يحمي بقاءه، كما جاء الشعب بكورازون أكينو إلى الحكم في الفلبين بانتخابات ديمقراطية، وحمى الشعب بقاء أكينو في منصبها عندما خرجت جماهير الفلبين إلى الشوارع لتصد بأجسادها دبابات الانقلابيين العسكريين التي كانت في طريقها إلى قصر الرئاسة
وبالبحث الدقيق تبين أن نظام الرئيس مبارك جاء إلى موقعه كـــــــدة، وفي رواية أخرى أنه جاء إلى موقعه كدهـــه، ونقطة الاتصال بين كدة وكدهه هي أنهما كلمتان تعبران عن الشكل المطلق للصدفة البحتة، أي أن التاريخ يشير إلى أن مبارك وصل إلى سدة الحكم بضربة عشوائية من القدر ليس لها أي مبرر منطقي مقبول
ليست هناك إشارة إلى أن الشعب المصري أو أي شعب آخر اختار مبارك رئيسا لمصر، فعلى مدار سنوات عمري العديدة لم ألتق يوما شخصا أعطى صوته للرئيس مبارك بمزاجه وملء إرادته، وذلك على الرغم من أنني طفت البلد من أقصاه إلى أقصاه بحثا عن هذا الشخص
وليست هناك إشارة إلى أن قوة أجنبية أيضا اختارت مبارك لحكم مصر، فلم يكن هناك في العالم من يلاحظ وجوده أصلا إلى جوار الســـــــــادات الذي كان يحتكر المسرح ويملؤه صياحا واستعراضا لا يترك مكانا لأصحاب الأدوار الثانوية للظهور
كما تؤكد رسائل التأييد التي تلقاها موقعي على الإنترنت من الأنحاء المختلفة لمجموعتنا الشمسية على أن سكان الكواكب الأخرى هم أيضا لا علاقة لهم بوضع مبارك في منصبه، ويكفينا أن المتضامنين في كوكب زحل أسسوا حركة موازية لحركة كفاية أطلقوا عليها اسم حركة زحلوقيون من أجل التغيير نتوقع أن نرى بعض أعضائها على سلم نقابة الصحفيين قريبا إلى جانب محمد عبد القدوس الذي أرسلته الجبهة الزحلوقية الشقيقة في وقت سابق للتضامن معنا ضد حكم مبارك
ولكن حتى لو كان صعود الرئيس مبارك إلى الحكم مجرد ضربة قدر عمياء، فمن المستبعد أن يكون بقاؤه في موقعه طيلة هذه السنوات من قبيل المصادفة، ومن المستحيل يتوازن على حافة عرش مصر دون أن يكون هناك من يسنده ويقدم له الدعم
بالتأكيد لا يمكن أن تدعم طبقة العمال بكل ما تعانيه من قهر وإفقار مقصود وإضعاف منهجي بقاء هذا النظام على الرغم من مظاهر عيد العمال التي تصبح فيه المنحة أسمى أماني العامل المصري، ولا يمكن أن يكون الفلاح الذي طحنه الفقر والتهميش الاجتماعي والسياسي متورطا في حماية النظام الذي يمص دمه تماما كالبلهارسيا التي تفترس كبده
الموظفون هم من تملأ أصواتهم دائما صناديق الانتخابات لصالح الرئيس وأوليائه الصالحين، ومع ذلك أشك أن تكون طائفة موظفي الدولة هي التي تحمي بقاء رئيس الدولة، فأحوال هذه الطبقة لا تخفى على أحد، والمنطق السليم يقول إنها يجب أن تكون أول الطبقات الطامحة إلى التغيير على الرغم من أنها هي الطبقة التي تفسد باحتشادها أيام الانتخابات كل جهد تبذله القوى الوطنية المصرية في إزاحة النظام الحاكم عن طريق صناديق الانتخاب
أما الطلبة، وهم أبناء العمال وأبناء الفلاحين وأبناء الموظفين، فيزيدون على أهلهم احتقانا في أنهم يرون آمالهم تنهار أمامهم، ولا يجدون حلا يجعل المستقبل أفضل مما يتوقعون، وأمهاتهم في المنازل لا يعرفون عن السياسة إلا أنها كالنداهة تخطف الأبناء وترسلهم إلى مزرعة طرة أو سجون الواحات
هؤلاء هم المصريون الذين نعرفهم، وليس فيهم من له مصلحة في بقاء الحال على ما هو عليه، فكلهم مغبون ومطحون ومسحوق تحت أضراس الفقر والجهل والمرض وعسف السلطة
إذا فالمستفيد الوحيد من بقاء النظام المصري في موقعه هو تلك الطبقة الرقيقة التي تضم الفاسدين والمنتفعين من إفساد النظام للدائرة المحيطة به، والفساد في بلد محكوم حكما فرديا مطلقا ليس ظاهرة كما يشاع، وإنما هو جزء لا يتجزأ من التكوين العام لدولة الفرد الواحد
الفساد حلقة داخلية من الحلقات التي يجب أن يحيط بها أي نظام ديكتاتوري نفسه، فالديكتاتور كحوريات الديدان يعيش في شرنقة خاصة آمنة ينسجها حول نفسه من أهل الثقة وأهل النفاق ومعدومي الطموح في السلطة وأصحاب المنافع ونهازي الفرص والفاسدين والمفسدين
وهناك آلية مدروسة لتكون هذه الطبقة حول الديكتاتور وطبيعة الصراعات التي تدور في حلقاتها من أجل انتخاب الدائرة الضيقة التي تكون أقرب إلى الحاكم، ومن ثم الأوفر حظا في المنافع والفرص، ويعيش الديكتاتور مشاهدا مستمتعا ومنشكحا بهؤلاء الذي يتصارعون ويقتتلون ويتآمرون على بعضهم البعض من أجل الفوز بنعمة القرب من سحنته البهية
وبطبيعة الحال فإن أكثر المتصارعين على الدخول في فلك الشرنقة الرئاسية هم أهل المال والأعمال الذين يهدفون إلى الكسب السريع ولو كان من دم أهلهم، وهؤلاء هم الذين يدخلون إلى دائرة تكون بعيدة نوعا عن مركز القرار، وإن كانت قريبة جدا من الحلقة اللصيقة بالديكتاتور وهي الحلقة التي تقوم بدور المفسد في عملية صنع واستقطاب الفاسدين
كما تقوم الطبقة المفسدة أيضا بدور السمسرة والوساطة والتخليص في أعمال الفساد، أحيانا بمشاركة الديكتاتور نفسه أو أسرته، وأحيانا قليلة من وراء ظهره، وهي خيانات صغيرة يجب أن يتغاضى عنها الديكتاتور كي يسمح لشرنقته بالتنفس
وكما هو متوقع، فإن كل مفسد من المفسدين الكبار يحيط نفسه بشرنقته الخاصة التي يتصارع فيها الطامحون على الفوز بثقته ورضاه والتقرب منه بهدف تحقيق الحد الأقصى من المنفعة، كما أن كل فاسد كبير يحيطه عدد من صغار الفاسدين الذين يجمعون ما يسقط منه، أو يتولون عنه مقاولات الفساد من الباطن، تماما كما يحيط بكل وحش من وحوش الغابة جيش من الحيوانات آكلة الجيف تأكل بعده ما يترك، ولا غرابة في أن يتحول الحزب الحاكم إذا إلى جمعية عمومية للفاسدين والمفسدين
الفاسدون يحمون النظام ويحفظون بقاءه ويساعدونه بل ويشجعونه على المزيد من الاستبداد والقهر فيحتاج إلى المزيد من حمايتهم التي يعطونه إياها في مقابل المزيد من المنافع، وكما أنه لا فساد بدون استبداد كذلك لا استبداد بلا فساد كلاهما للآخر ظهير وسند
الفساد والاستبداد ثنائي من الثنائيات الخالدة التي تحكم نظام الكون والحياة، كالذكر والأنثى والحرارة والبرودة والجفاف والرطوبة، إذا وجدت منهما طرفا فإن زوجه لابد موجود على مقربة منه، فكلاهما يتنفس برئة الآخر ويضخ الحياة في عروقه، وأي وعد يطلقه أيهما بالقضاء على الآخر هو محض خرافة لا محل لها، كأن يعد الديكتاتور بالقضاء على الفساد، أو أن يعد الفاسد بالإصلاح السياسي، إن هو إلا وعد أحدهما بما لا تملك يداه
بلوجر لذيذ، وكتابة ساخرة من نوع جديد، استخدام عبقري للرمز والتصوير خصوصا في صفحة استقيموا يرحمكم الله، وصفحة مصر النووية
ReplyDeleteصفحة الشرنقة فيها تحليل علمي دقيق ودمه خفيف للعلاقة بين السلطة العمياء كالديدان والطفيليات التانية اللي بتعيش حواليها
good luck
انا كنت متأكد ان محمد عبد القدوس من كوكب تاني فعلا، وشكرا على توضيح جنسيته الأصلية
ReplyDeleteذكية أوي لعبة الدواير اللي عايش فيها الدكتاتور، وكويس انك شبهتها بشرنقة الدودة، ليقة أوي على الددودة اللي بتاكل فينا دي
this one is kool man, keep it up, this is real creative,
ReplyDeletebut do you think anything can break this ring?? i cant see t
this is a great map for the whole tyrant system, again, keep it up
Shohdy, thank you for the nice comment, and i think we can get out of this ring, but how we can do this? i cant really tell you, so you tell me:)
ReplyDelete