أقف على أعلى نقطة حملتني إليها ساقاي الهزيلتان وأستعد لمغامرتي التي طاردني حلمها أكثر مما طاردته
أنظر إلى قاع الجرف الصخري وأتصور حالي لو فشلت التجربة الوحيدة المتاحة للطيران دون أجنحة
أتراجع إلى الوراء قليلا وأنا أقاوم الخوف بجرعة من ريقي أبتلعها في نوبة جفاف أقنعتني ألا مجال للتراجع
أندفع إلى الأمام.. رأسا نحو قرص الشمس البرتقالي يسقط في الأفق.. وأرفرف بذراعي محاولا تحدي تفاحة نيوتن.. أشعر أنني أرتفع حقا في السماء.. ويبدو أن تجربتي المجنونة نجحت وليتني اصطحبت شاهدا يوثق هذه المعجزة
أضرب الهواء الدافئ لأسفل بقوة وحماس اقتراب النجاح.. أرتفع أكثر وأكثر.. وأقرر تطوير المحاولة.. سأطير نحو الشمس.. قيل لي إن الشمع في جناحي ابن فرناس ذاب وسقط عندما قرر الطيران نحو الشمس.. لكنني لا جناح لي.. سأطير نحو الشمس وليدفع الله الصدق في ذراعي الضعيفين كي أتحمل عمق الرحلة
لأكن أمينا وأنا على قمة العالم.. فلا أضعف من الكذابين.. لم أتوقع أن أكون أول إنسان يطير دون جناحين ولا ريش.. والآن لا أصدق أنني سأصل لحدود الشمس
بدأ العرق يغالبني وقطراته المالحة تزحف بين جفوني.. كان علي ان أعصب رأسي بإزاري القطني الأبيض.. ما حاجة طائر للملابس على أي حال.. رب ادفع في جناحي أقصى الصدق.. فأنا من عنف التجديف تعبت.. أغثني يا الله بصدق البأس في الجنوح والتجربة.. ادفعني بيدك إلى عمق التجربة
ليتني اصطحبت شاهدا على المعجزة.. أنا على وشك السقوط ورحلتي إلى الشمس كانت تحتاج استعدادا أكبر يبدو..ولا يمكنني العودة إلى حافة الجرف حيث انطلقت.. والهبوط سقوط لا محالة.. ليت أحدا رآني وأنا أحلق في السماء دون معاونة.. دون فضل من ريش أو جناح.. وبالحد الأدنى من صدق المحاولة
سيجدون أشلائي في قاع الجرف.. وسيظن المنتحبون أني انتحرت ببساطة.. ولن يعرف أحد أنني فعلتها.. أضرب بذراعي بكل بسالة الأمل الأخير.. لا فائدة.. أسقط في قاع الجرف وأسمع في البرزخ صوتها يقول.. انتحر المسكين.. ليتني صدقت هذيانه عن بيته يهديني إياه على حافة الشمس
رائعة..هذه المغامرة
ReplyDeleteوالتجربة