Friday, January 15, 2010

بين صفعتين


التفت بقلق يشوبه قلق أعمق إلى يمينه.. وما زالت يداه تعملان بهمة في جمع أجزاء المفرمة الحديدية الصغيرة.. وجدها على حالها وقد جفت دموعها في زوايا عينيها وجف لعابها المختلط بالدم في خيوط قشرية متقطعة على وجهها وعنقها.. كان على وجهها شبح ابتسامة خائفة يدرك معناها جيدا وهي تلملم جيب قميصها البلدي الرخيص ليستر صدرها المسطح .. صدرها الخالي تماما من الأنوثة.. ويهتز شعرها الأشعث بينما تتنخم بقوة بقايا من دموع ومخاط دام وتبتلعها
لم تزعجه الحركة المقززة.. فقد اعتاد أن يراها جميلة في كل أحوالها.. وسبق أن رآها ميتة الشتاء الماضي ولم يغير ذلك شيئا في شعوره نحوها.. هي أجمل امرأة في دفتر الأنوثة ولو لم يكن لها حيز من بدن
تمتد يد ثقيلة من فراغ المفاجأة وتنفرج أصابعها القاسية عن صفعة جديدة.. "اشتغل يا ابن القحبة!!".. فيعود مرة إلى تجميع المفرمة الحديدية الصغيرة.. ودون أن يرفع عينيه عن خليط التروس بين يديه مسح في كتفه خيطا قشريا متقطعا كان قد جف عن الصفعة السابقة