Friday, January 15, 2010

تلات سجاير


جلس على الكتلة الاسمنتية المربوطة إلى العامود بجنزير أحكم غلقه بقفل كبير وكأن البردورة المسروقة أصلا من الرصيف يمكن أن تكون ضحية لسرقة جديدة..ووضع يديه في جيوبه وقد ضم ساقيه النحيلتين داخل سراويله الواسعة القصيرة.. لقد تمكن من علاج هذا الاتساع الفج بربط عروتي الأمام بسلك كهرباء أزرق كان رباطا لبقجة الملابس التي وجد بها هذه الملابس التي لا بد وأنها مسروقة من رجل بدين زوج لاثنتين.. أما قصر السراويل فلا حل له سوى احتمال القشف في القدمين إلى ما قرب الركبة.. والحمد لله أن عثر على هذا الشبشب الجلدي أمام زاوية عبد الستار قبل أن يعثر عليه صاحبه فلولاه لواصل الأسفلت لعق قدميه ومطاردته إلى حافة الرصيف حيث يحلو للسكارى والقطط التقيؤ وللمتسكعين أمثاله قضاء حاجتهم.
أخرج يده من جيبه وفيها قطعة معدنية لامعة.. نظر إليها بتدقيق وتأمل الحروف الأجنبية المحفورة عليها بإعجاب.. ثم مد يده الأخرى ليفتح رأسها فيتكشف تكوينها الداخلي المعقد.. ينظر بانبهار إلى الفتيل الغاطس خلال أنبوب وزعت ثقوبه بشكل متقابل نحو كتلة قطنية بداخل القطعة بينما بدت القداحة الدائرية على جانب أنبوب الثقوب وكأنها دعوة للمحاولة.. نظر حوله في خشية أكثرها استثارة بالكنز الصغير ثم أدار القداحة التي احتكت بقوة بالحجر الصغير المثبت تحتها وانبعث اللهب الأزرق إلى الفتيل لتشتعل الولاعة.. مد يده الأخرى وقلب رأس القطعة المعدنية اللامعة على اللهب وأعادها إلى جيبه وهو يتلفت حوله... هذه المرة بخشية كاملة من أن يكون أحد رآهوثب من مكانه وأطلق للشبشب الجلدي حرية خرق صمت الحارة الجانبية باحتكاكه الجاد بالأرض.. إلى أن وصل إلى الناصية ومنها اتجه يمينا وهو يتوازن بمهارة فوق الرصيف المكسر حتى أصبح في مواجهة عوينات عم عليوة الزجاجية السميكة فمد يده إليه بخمسين قرشا ورقية كانت كل ما معه..هات تلات سجاير