جنوب دارفور- نيالا-الخامس من أكتوبر 2006، منتصف الليل
الحب هنا أيضا مختلف، فالأنثى في حالة الخطر ليست كالأنثى في حالات الهدوء والاستقرار والدعة، وتلك التي تتهادى على وقع دقات كعوبها على الأرصفة الأسمنتية وتنتشي بزينتها وملابسها المتأنقة في السلم ليست كالتي تعمل في خيمة من خيام الصليب الأحمر بين القتلى والجرحى والدم والأشلاء، والإيقاع الوحيد الذي يحكم حركتها هو إيقاع طلقات البنادق وهزيم المدافع
شيء ما في امرأة الطوارئ يجعلها أكثر جاذبية، شيء ما في حذائها الرياضي البسيط وفي ملابسها التي تميل إلى الخشونة وفي حبات العرق النبيل الذي يسيل على وجهها وحتى في عصبيتها وحزنها مما تقاسيه يجذبك إليها
امرأة السلم لها أيضا سحرها، ولكن السحر بطعم الخطر ورائحة الخوف المثيرة له في القلب أثر مختلف.. ولا أذكر امرأة أثارتني كتلك الطبيبة التي كانت قد خرجت لتوها من غرفة الجراحة ووقفت أمام الباب تدخن بعصبية بينما تحجرت الدموع في عينيها وسال بدلا منها العرق الذي جمع شعرها الأحمر القصير في خصلات نثرت على جبينها في فوضى مبدعة، وكانت نيفين تقاوم البكاء بعد أن ماتت المولودة التي كانت تحاول تحريرها من رحم أم لم تبلغ بعد الخامسة عشرة
ماتت المولودة مختنقة، ولم تفلح محاولات نيفين في إنعاش قلبها الصغير، وانتهى بها الحال أمام غرفة الجراحة تبكي ولا تبكي، وتشعر بالذنب ولا ذنب لها، وتدخن سيجارتها بغضب لا أعرف إن كانت تدرك حقا على من توجه فوهته
هل يمكن أن تكون نيفين أكثر جاذبية في معطف من الفراء عنها في هذا المعطف الأبيض المخضب بدم الأم التي ما زال الجراحون يستكملون إسعافها بعد الولادة الفاشلة؟ هل يمكن أن يكون ذراعاها الذان غطاهما الزغب الرقيق أجمل إذا كان لديها من الوقت ما تنفقه في نزعه؟ هل كانت الأظافر الرطبة بفعل المطهرات ستكون أجمل لو توفر لها الطلاء؟ لا أعرف.. ولكنني أعرف أن جمالا ما يسكن هذا النمط من الفوضى والإهمال.. أعرف على وجه اليقين أنني سقطت في أسر تلك العيون الباكية بسرعة تزري بأي عيون نمقتها الماسكارا.. أعرف على وجه اليقين أن تلك الأصابع التي أوشكت على الاحتراق مع سيجارتها لهي أجمل عندي ألف مرة من الأصابع الناعمة المرفهة
فهمت الآن لماذا يصطحب بطل أفلام الحركة والإثارة معه فتاة جميلة، غالبا ما يكون دورها مقحما على الفيلم ولا حاجة إليه، إلا أن صناع هذا النوع من الأفلام يدركون جيدا كم ستكون هذه الممثلة مثيرة وجذابة عندما تبدأ المعارك ويتكاثر الأعداء وتضيق حلقات الخطر حول البطل وفتاته الرقيقة، وعندها سيرى الجمهور في الفتاة جمالها الذي تفجره ساعات الخوف ولحظات الترقب .. فلست وحدي الجمهور الذي يعشق جمال الأنثى تحت أضواء القصف والحرائق أكثر مما يعشقها تحت ضوء القمر
تحدثت إليها، وسرت الشرارة في الأرواح التي جففتها شمس دارفور القاسية بسرعة مخيفة، وارتفعت حرارة اللحظة فجأة وكأن الموقف لم يكن يحتاج أكثر من إشارة واهية ليلتهب بهذا الشكل الرائع.. ثمان وأربعون ساعة فقط فصلت بين عهد الحب الأفلاطوني وعهد الحب الآدمي، فقد انزاح أفلاطون وحبه عندما انزاحت التنورة الزهرية عن منابع الأنوثة الفائرة.. وأصبحت لغة العيون المتحرقة للحظة حب هي اللغة الرسمية لهذه العلاقة
نسيت أن أذكر، أو لعلها لذة الحبكة الأدبية فحسب، أن نيفين لا تفقه حرفا من أي من اللغات التي أتحدثها، وكذلك فإن معرفتي بلغتها التركية لا تتجاوز بضع كلمات، إلا أننا، وبحيلة بسيطة تمكنا من التواصل، فقد اتفقنا ضمنيا على تقول ما شاءت باللغة التركية على أن أرد أنا بالإنجليزية، وكلانا يصحب كلامه ببعض الإشارات ليصل المعنى، وأفلحت الحيلة إلى حد كبير، خاصة وأننا تجاهلنا تماما عائق اللغة الذي فقد مناعته حين تجاهلناه
أنا أيضا في حالة الطوارئ.. أنا أيضا بالنسبة لها رجل ساعات الخطر والإثارة والترقب.. وربما رأت هي أيضا في حقيبتي السوداء التي أحملها على ظهري، وفي قلمي المربوط في خيط إلى عنقي، وفي سراويل الجينز البالية، وفي شعري الطويل الذي تركت كل خصلة فيه على حريتها تذهب حيث شاءت، وفي نظارتي المنزلقة على وجهي المتعرق، ربما رأت في كل ذلك ما رأيت في فوضويتها المبدعة من جمال
أقول ربما لأنني لم أسألها، فلم أجد في لغة الإشارة البسيطة ما يكفي لمناقشة مثل هذه الأمور الفلسفية التي تضيع متعة الأوقات السعيدة أكثر من أنها مضيعة للوقت بشكل عام، ففضلت دون ذلك أن أتعمق في أفكار أخرى كفلسفة اصطكاك الأسنان بالأسنان أثناء التقبيل، وفي حكمة النظرة المثيرة التي تفصل دائما بين قبلتين أثناء وقفات التقاط الأنفاس، وفي عبقرية معارك الأصابع المتدللة المقاومة مع الأصابع النزقة المجتاحة
كنت أعرف أنها تكذب عندما وعدتني أن تزورني في مصر، وكانت بالتأكيد تعرف أنني أكذب عندما قلت لها أنني سأتبعها إلى حافة العالم لو كانت حافة العالم وجهتها
كنا نكذب، ونتحدث عن حب أبدي نعرف على وجه اليقين أنه مجرد حلم ليلة صيف، ينتهي بسرعة كما بدأ، ويعود إلى المجهول حيث أتى أول مرة، ولا يترك في الرأس سوى أثر رقيق يختفي مع اكتمال الإفاقة، ويعود طيفه إلى الذهن شفافا في استراحات القهوة، وفي لهب سيجارة آخر الليل... وهي أوقات مناسبة دائما أتحسر خلالها على أحلامي الصغيرة التي تراجعت عن مطاردتها.. وفضلت أن أبقى في مكاني حتى يدركني العمر، ويأتي من يهمس في أذني بشماتة: لقد حلت بك أشياء كثيرة، لكنك لم تفعل شيئا في حياتك
كنت أتمنى أن يأتي اليوم الذي أجلس فيه بثقة أمام شيخوختي وأقول بملء فمي: ها أنا أجلس وحيدا لا أملك شيئا، ولكنني سعيد.. قضيت حياتي في مطاردة فراشات أحلامي الملونة، وعلى قلة ما أمسكت من هذه الفراشات، فقد امتعني اتباع الحلم أكثر من تحقيقه، وكفاني أنني عشت الحياة بطريقتي
ولكن يبدو أن صورة الزمن الشامت في خيبتي ستكون هي المشهد الأخير في حياتي، فالفراشات تمر أمامي فرحة مرحة بينما أنا أقمع رغبتي الشديدة في العدو وراءها كالأطفال.. ما اللذي سيحدث لو أنني بالفعل صدقت، وتبعت الفتاة إلى حافة الدنيا؟ أي حساب للمكسب والخسارة يحرمني من بهجة الدخول في التجربة، ولا فارق ان نجحت أو فشلت؟ أليست الحياة في قفص من ذهب والموت على فراش من ذهب أقل متعة وجاذبية من الحياة في البرية والموت على قارعة الطريق؟
حيرني التفكير فسألت صديقتي الفنلندية العجوز عن أي الطريقين أسلك، طريق صيد الفراشات أو طريق الاكتفاء بمشاهدتها، فجاءت الإجابة القاطعة... العمر قصير، وحتى هذا العمر القصير، نعيشه مرة واحدة
أستمع إلى كاتي وصور كل امرأة ذرفت على كتفي دموع الفراق على أمل اللقاء على "حافة العالم" تمر أمامي متسارعة، ولو كنت أملك قلبي لقسمته على كل عاصمة زرتها لأرضي جميلة هنا وجميلة هناك، ولما جلست على الحشيشة الخضراء كالمشلول المقعد أشاهد مسرح الحياة ولا أشارك فيه ولو بدور هامشي
بعـــــــــــــد أيـــــــــــــــــــــــــام
تمر أيامي الأخيرة بتوقيتين، توقيت المشفق من مرور الوقت الذي لم يبق منه سوى عشرة أيام تغادر بعدها نيفين إلى بلادها بلا رجعة، وتوقيت الملول الذي يشعر أن الأيام تمر عليه بطيئة كسولة في انتظار العودة إلى الأهل والوطن... تضارب عجيب، فاللحظة التي أستمهلها هي ذاتها اللحظة التي أستعجلها.. واليوم الذي أعد ساعاته دقيقة دقيقة هو ذاته اليوم الذي أراه يفر على شاشة العداد العكسي فينقبض قلبي في مكانه
نحن الآن في شهر رمضان، واليوم مقسوم بطبيعته إلى ما قبل الإفطار وما بعده، كما أنه مقسوم بطبيعة الطوارئ التي تحكم دارفور إلى ماقبل حظر التجول وما بعده، ولما كان حظر التجول يبدأ في الحادية عشرة، بينما يؤذن إلى المغرب في الثامنة، ولما كانت هناك مخاطرة كبيرة جدا في الخروج بعد الحادية عشرة، فبحسبة بسيطة تتبين أن اليوم قد اختصر زمنه إلى ساعتين ونصف الساعة، وربما ثلاث ساعات على أفضل تقدير على اعتبار أننا نقضي تلثي اليوم الأولين في العمل
نيفين من إديرنة، وهي مدينة صغيرة تقع في الجانب الغربي من تركيا، أي في الجانب الأوروبي من البلد، وهي بالتالي مدينة تحكمها الطبائع والعادات الأوروبية التي تسمح لها باتخاذ صديق، ولكنها تمثل بثقافتها أقلية بين أبناء الجزء الشرقي الذي يميل إلى المحافظة، ويضع اعتبارا للقيم التقليدية ككلام الناس وسمعة الفتاة وسيرتها
ولهذه الأسباب اصبحت فرصتي لبناء علاقة سوية متماسكة بنيفين أشبه بمحاولة المرور من ثقب إبرة، فكلتاهما في عداد المستحيلات، إلى جانب أنني اضطر لاصطحاب إحدى زميلاتي ككموفلاج يستر الصورة الاجتماعية التي يعرف جميع سكان بيت الأتراك أنها مخترقة، وأنه لم يبق منها سوى النفاق الذي يرضي الشرقيين في غالب الأحيان أكثر من الحقائق
اصطحابي لزميلة من زميلاتي بما فيهن من صفات أكرهها عبء مزعج، ولكنني كنت أتحمله لأن البديل الآخر هو أن تخرج معي نيفين مصطحبة زميلة لها في الخمسين تدعى إمامة، وهي وكالة أنباء تمشي على قدمين، ولا تنفك تدس أنفها وتبدي رأيها في كل صغيرة وكبيرة، خاصة وبالتحديد إذا كانت هذه الصغائر والكبائر لا تخصها، ولكن عيبها الذي لم أطق له احتمالا هو انها تتحدث العربية، حيث أنها تسكن أنطاكية على الحدود التركية السورية، وهو عيب يفسد علي محاولة تواصلي مع نيفين التي استمتع فيها أكثر ما أستمتع بأنني لا أفهم لغتها، وبأنها لا تفهم لغتي
إمامة تتطوع بالترجمة في أوقات تتعمد أن تكون غير مناسبة، كأن أكون قد فهمت رطانة نيفين بشكل ما، فتحولها بالترجمة إلى معنى آخر أقل رومانسية أو العكس، وفي الوقت الذي أحتاج فيه إلى الترجمة تتشاغل إمامة بشيء آخر غير الحديث، وبالطبع أحيانا ما كانت تستغل معرفتها باللغة التركية في قيادة الحديث في الاتجاه الذي يحلو لها، ثم يتحول الحديث إلى حوار ثنائي بينها وبين نيفين أقوم أنا فيه بدور المتفرج المبتسم ابتسامة الضيف الذي أدرك أنه غير مرغوب فيه... وكان التصميم الهندسي لعيني إمامة في منتصف وجهها الذي يرتكز على عنق دقيق، والذي يشبه في فائدته العملية التصميم الهندسي لرأس البومة، يساعدها على إحباط محاولاتي لحك ساق نيفين، أو محاولات نيفين للإمساك بيدي من تحت الطاولة
افضل الأوقات كانت دائما تلك التي قضيتها في التحاور مع نيفين على الإنترنت، فقد كانت زميلتها جامزي، الطبيبة التي تسكن إديرنة أيضا، تقوم بالترجمة بيننا من وإلى الإنجليزية، والأسباب وراء استمتاعي بهذه الدردشة كثيرة، فأولا هذه هي الحوارات الوحيدة بيننا التي أفهمها وتفهمها نيفين بالكامل، وثانيا أنها تجري في الأوقات المحرمة أي بعد حظر التجول مما يجعلها إضافة إلى اليوم القصير
إلى جانب ذلك فإنني أحقق من ورائها متعة مزدوجة عندما أتخيل أن جامزي، التي تتمتع بقدر فائق من الجمال المثير، تستمع وتترجم همساتي الرومانسية لزميلتها، بينما أتعمد أن تكون هذه الهمسات على أفضل ما أملك من الحلاوة والرقة وأحيانا من التلميحات الجنسية المكشوفة.. بل أن نرجسيتي تصل إلى قمة النشوة عندما أقول لنيفين أن لا امرأة أخرى تضاهيها جمالا وجاذبية، متمنيا أن تثير كلماتي الغيرة في نفس جامزي كما تثير الغرور في نفس نيفين
ولم يخل الأمر أيضا من بضع مرات استفدت فيها من برودي الفطري بأن ذهبت منفردا إلى بيت الأتراك وقلت لأول من يقابلني، شرقيا كان أو غربيا، أن ينادي نيفين لأننا على موعد، خاصة إحسان، الشاب الخجول الذي لمحت في عينيه اعجابا خاصا بنيفين أثار غيرتي، وكم كانت متعتي تتضاعف عندما يكون إحسان هو الشخص الذي يناديها، والذي يراها وهي ترمي بنفسها في صدري بسعادة لا أظنه يخفق في قراءة معانيها
وسارت العلاقة على ما يرام، نسبيا وبالنظر إلى الظروف، ولم يكن ينغصها سوى فكرة العد العكسي التي كانت نيفين تعبر عنها بالإشارة بأصابعها العشرة منقصة منها إصبعا كل يوم، وكان هبوط إصبع يضيف إلى خطوط الحزن والقلق على وجهها خطا جديدا، ويضيف إلى جنوني بها حلقة جديدة، ولا بأس أيضا بالأحلام المستقبلية التي كانت تزداد بهاء كلما مرت الأيام واقترب الموعد الذي كان لا بد آت
جنوب دارفور- نيالا- الحادي عشر من أكتوبر 2006
وانتهت الأيام، وهبطت كل الأصابع، وجاء اليوم الأكثر إيلاما.. يوم المطار.. ذلك اليوم الذي أضطر أن أقف فيه أمام الأعزاء لأودعهم وأغلب ظني وظنهم أنه الوداع الأخير، وأنا أفضل أن أقف أمام قطار مسرع على أن أقف أمام حبيبة تبكي دموع الوداع.. خير لي أن تنشق الأرض وتبلعني على أن أردد عبارات المجاملة السخيفة التي تفيد بأن العالم صغير وأننا لا نعرف كيف يمكن لصدفة طائشة أن تجمعنا في مكان ما من هذا العالم
قضينا نصف الليلة الأخيرة على صخرة ناتئة تقع على الجانب الآخر من الطريق أمام قصر يلدز.. جلست ملتصقا بنيفين بينما ظلت جامزي تدور حولنا حاملة كاميرتها التي لا تفارقها، وتلتقط صورا لنا تحاول أن توثق بها تلك اللحظات التي لن تتكرر
لا أتصور أن تلك الصخرة على أطراف مدينة نيالا سوف تجمعني بنيفين وجامزي وسميرة وجنيد وإبراهيم وإمامة.. حتى إمامة الكريهة بدت في تلك اللحظة المكثفة شخصا عزيزا.. ولعله تأثير العرق الذي شربنا منه كمية كبيرة في محاولة بائسة للتغيب عن تفاصيل تلك الليلة المؤلمة
تماسكت عن البكاء في المطار بصعوبة شديدة، فلم أكن أريد أن أتسبب في مزيد من الألم لنيفين التي تشي عيناها بأنها لم تنم طوال الليل من شدة البكاء، وكنت أمازحها طيلة وقت الانتظار الذي قضيناه في مطار نيالا، وكنت في الوقت نفسه أتفادى النظر إلى إحسان الذي كان ينتحب كالأطفال ويتعمد أن يفعل ذلك أمامنا مباشرة، ولم يكن منظره يثير في نفسي الشفقة كما كان يثير فيها السخرية، فنيفين ليست جولتي الأولى معه، وقد انتهت جولتي السابقة معه في نفس الميدان، مطار نيالا، وكم أشبهت الليلة البارحة، هو يبكي وأنا أحتضن فتاة تبكي فراقي.. وكأنها مسرحية نؤديها كل ليلة، وينسدل فيها الستار على بطل منتصر وشهيد مهزوم
وعندما غابت نيفين وراء البوابة الإليكترونية، واعتقدت أن من حقي حينها أن أبكي، أطلقت العنان لدموعي التي أمسكتها طويلا فسالت حارة مؤلمة... انهار تماسكي دفعة واحدة، وطاف شريط الذكريات القصير أمام عيني دفعة واحدة.. ولم أملك إلا أن أستدير وأتجه إلى السيارة التي ستقلني إلى المسكن، وقد أغرقت دموعي وجهي وانهمرت علي نظرات الشفقة والتعاطف والتعجب من كل جانب
وألقيت نظرة أخيرة على إحسان الذي بدأ يكفكف دموعه ويستعد هو الآخر إلى الرحيل، وكأنه ظن أنني أعني بنظرتي: "إلى اللقاء ههنا في معركة جديدة"، بينما لم أكن أقصد أكثر من أن أقول له إننا في الهم سواء، ويبدو أن الدموع في عينينا حرمتنا راحة هذه النظرة المتعاطفة
الحب هنا أيضا مختلف، فالأنثى في حالة الخطر ليست كالأنثى في حالات الهدوء والاستقرار والدعة، وتلك التي تتهادى على وقع دقات كعوبها على الأرصفة الأسمنتية وتنتشي بزينتها وملابسها المتأنقة في السلم ليست كالتي تعمل في خيمة من خيام الصليب الأحمر بين القتلى والجرحى والدم والأشلاء، والإيقاع الوحيد الذي يحكم حركتها هو إيقاع طلقات البنادق وهزيم المدافع
شيء ما في امرأة الطوارئ يجعلها أكثر جاذبية، شيء ما في حذائها الرياضي البسيط وفي ملابسها التي تميل إلى الخشونة وفي حبات العرق النبيل الذي يسيل على وجهها وحتى في عصبيتها وحزنها مما تقاسيه يجذبك إليها
امرأة السلم لها أيضا سحرها، ولكن السحر بطعم الخطر ورائحة الخوف المثيرة له في القلب أثر مختلف.. ولا أذكر امرأة أثارتني كتلك الطبيبة التي كانت قد خرجت لتوها من غرفة الجراحة ووقفت أمام الباب تدخن بعصبية بينما تحجرت الدموع في عينيها وسال بدلا منها العرق الذي جمع شعرها الأحمر القصير في خصلات نثرت على جبينها في فوضى مبدعة، وكانت نيفين تقاوم البكاء بعد أن ماتت المولودة التي كانت تحاول تحريرها من رحم أم لم تبلغ بعد الخامسة عشرة
ماتت المولودة مختنقة، ولم تفلح محاولات نيفين في إنعاش قلبها الصغير، وانتهى بها الحال أمام غرفة الجراحة تبكي ولا تبكي، وتشعر بالذنب ولا ذنب لها، وتدخن سيجارتها بغضب لا أعرف إن كانت تدرك حقا على من توجه فوهته
هل يمكن أن تكون نيفين أكثر جاذبية في معطف من الفراء عنها في هذا المعطف الأبيض المخضب بدم الأم التي ما زال الجراحون يستكملون إسعافها بعد الولادة الفاشلة؟ هل يمكن أن يكون ذراعاها الذان غطاهما الزغب الرقيق أجمل إذا كان لديها من الوقت ما تنفقه في نزعه؟ هل كانت الأظافر الرطبة بفعل المطهرات ستكون أجمل لو توفر لها الطلاء؟ لا أعرف.. ولكنني أعرف أن جمالا ما يسكن هذا النمط من الفوضى والإهمال.. أعرف على وجه اليقين أنني سقطت في أسر تلك العيون الباكية بسرعة تزري بأي عيون نمقتها الماسكارا.. أعرف على وجه اليقين أن تلك الأصابع التي أوشكت على الاحتراق مع سيجارتها لهي أجمل عندي ألف مرة من الأصابع الناعمة المرفهة
فهمت الآن لماذا يصطحب بطل أفلام الحركة والإثارة معه فتاة جميلة، غالبا ما يكون دورها مقحما على الفيلم ولا حاجة إليه، إلا أن صناع هذا النوع من الأفلام يدركون جيدا كم ستكون هذه الممثلة مثيرة وجذابة عندما تبدأ المعارك ويتكاثر الأعداء وتضيق حلقات الخطر حول البطل وفتاته الرقيقة، وعندها سيرى الجمهور في الفتاة جمالها الذي تفجره ساعات الخوف ولحظات الترقب .. فلست وحدي الجمهور الذي يعشق جمال الأنثى تحت أضواء القصف والحرائق أكثر مما يعشقها تحت ضوء القمر
تحدثت إليها، وسرت الشرارة في الأرواح التي جففتها شمس دارفور القاسية بسرعة مخيفة، وارتفعت حرارة اللحظة فجأة وكأن الموقف لم يكن يحتاج أكثر من إشارة واهية ليلتهب بهذا الشكل الرائع.. ثمان وأربعون ساعة فقط فصلت بين عهد الحب الأفلاطوني وعهد الحب الآدمي، فقد انزاح أفلاطون وحبه عندما انزاحت التنورة الزهرية عن منابع الأنوثة الفائرة.. وأصبحت لغة العيون المتحرقة للحظة حب هي اللغة الرسمية لهذه العلاقة
نسيت أن أذكر، أو لعلها لذة الحبكة الأدبية فحسب، أن نيفين لا تفقه حرفا من أي من اللغات التي أتحدثها، وكذلك فإن معرفتي بلغتها التركية لا تتجاوز بضع كلمات، إلا أننا، وبحيلة بسيطة تمكنا من التواصل، فقد اتفقنا ضمنيا على تقول ما شاءت باللغة التركية على أن أرد أنا بالإنجليزية، وكلانا يصحب كلامه ببعض الإشارات ليصل المعنى، وأفلحت الحيلة إلى حد كبير، خاصة وأننا تجاهلنا تماما عائق اللغة الذي فقد مناعته حين تجاهلناه
أنا أيضا في حالة الطوارئ.. أنا أيضا بالنسبة لها رجل ساعات الخطر والإثارة والترقب.. وربما رأت هي أيضا في حقيبتي السوداء التي أحملها على ظهري، وفي قلمي المربوط في خيط إلى عنقي، وفي سراويل الجينز البالية، وفي شعري الطويل الذي تركت كل خصلة فيه على حريتها تذهب حيث شاءت، وفي نظارتي المنزلقة على وجهي المتعرق، ربما رأت في كل ذلك ما رأيت في فوضويتها المبدعة من جمال
أقول ربما لأنني لم أسألها، فلم أجد في لغة الإشارة البسيطة ما يكفي لمناقشة مثل هذه الأمور الفلسفية التي تضيع متعة الأوقات السعيدة أكثر من أنها مضيعة للوقت بشكل عام، ففضلت دون ذلك أن أتعمق في أفكار أخرى كفلسفة اصطكاك الأسنان بالأسنان أثناء التقبيل، وفي حكمة النظرة المثيرة التي تفصل دائما بين قبلتين أثناء وقفات التقاط الأنفاس، وفي عبقرية معارك الأصابع المتدللة المقاومة مع الأصابع النزقة المجتاحة
كنت أعرف أنها تكذب عندما وعدتني أن تزورني في مصر، وكانت بالتأكيد تعرف أنني أكذب عندما قلت لها أنني سأتبعها إلى حافة العالم لو كانت حافة العالم وجهتها
كنا نكذب، ونتحدث عن حب أبدي نعرف على وجه اليقين أنه مجرد حلم ليلة صيف، ينتهي بسرعة كما بدأ، ويعود إلى المجهول حيث أتى أول مرة، ولا يترك في الرأس سوى أثر رقيق يختفي مع اكتمال الإفاقة، ويعود طيفه إلى الذهن شفافا في استراحات القهوة، وفي لهب سيجارة آخر الليل... وهي أوقات مناسبة دائما أتحسر خلالها على أحلامي الصغيرة التي تراجعت عن مطاردتها.. وفضلت أن أبقى في مكاني حتى يدركني العمر، ويأتي من يهمس في أذني بشماتة: لقد حلت بك أشياء كثيرة، لكنك لم تفعل شيئا في حياتك
كنت أتمنى أن يأتي اليوم الذي أجلس فيه بثقة أمام شيخوختي وأقول بملء فمي: ها أنا أجلس وحيدا لا أملك شيئا، ولكنني سعيد.. قضيت حياتي في مطاردة فراشات أحلامي الملونة، وعلى قلة ما أمسكت من هذه الفراشات، فقد امتعني اتباع الحلم أكثر من تحقيقه، وكفاني أنني عشت الحياة بطريقتي
ولكن يبدو أن صورة الزمن الشامت في خيبتي ستكون هي المشهد الأخير في حياتي، فالفراشات تمر أمامي فرحة مرحة بينما أنا أقمع رغبتي الشديدة في العدو وراءها كالأطفال.. ما اللذي سيحدث لو أنني بالفعل صدقت، وتبعت الفتاة إلى حافة الدنيا؟ أي حساب للمكسب والخسارة يحرمني من بهجة الدخول في التجربة، ولا فارق ان نجحت أو فشلت؟ أليست الحياة في قفص من ذهب والموت على فراش من ذهب أقل متعة وجاذبية من الحياة في البرية والموت على قارعة الطريق؟
حيرني التفكير فسألت صديقتي الفنلندية العجوز عن أي الطريقين أسلك، طريق صيد الفراشات أو طريق الاكتفاء بمشاهدتها، فجاءت الإجابة القاطعة... العمر قصير، وحتى هذا العمر القصير، نعيشه مرة واحدة
أستمع إلى كاتي وصور كل امرأة ذرفت على كتفي دموع الفراق على أمل اللقاء على "حافة العالم" تمر أمامي متسارعة، ولو كنت أملك قلبي لقسمته على كل عاصمة زرتها لأرضي جميلة هنا وجميلة هناك، ولما جلست على الحشيشة الخضراء كالمشلول المقعد أشاهد مسرح الحياة ولا أشارك فيه ولو بدور هامشي
بعـــــــــــــد أيـــــــــــــــــــــــــام
تمر أيامي الأخيرة بتوقيتين، توقيت المشفق من مرور الوقت الذي لم يبق منه سوى عشرة أيام تغادر بعدها نيفين إلى بلادها بلا رجعة، وتوقيت الملول الذي يشعر أن الأيام تمر عليه بطيئة كسولة في انتظار العودة إلى الأهل والوطن... تضارب عجيب، فاللحظة التي أستمهلها هي ذاتها اللحظة التي أستعجلها.. واليوم الذي أعد ساعاته دقيقة دقيقة هو ذاته اليوم الذي أراه يفر على شاشة العداد العكسي فينقبض قلبي في مكانه
نحن الآن في شهر رمضان، واليوم مقسوم بطبيعته إلى ما قبل الإفطار وما بعده، كما أنه مقسوم بطبيعة الطوارئ التي تحكم دارفور إلى ماقبل حظر التجول وما بعده، ولما كان حظر التجول يبدأ في الحادية عشرة، بينما يؤذن إلى المغرب في الثامنة، ولما كانت هناك مخاطرة كبيرة جدا في الخروج بعد الحادية عشرة، فبحسبة بسيطة تتبين أن اليوم قد اختصر زمنه إلى ساعتين ونصف الساعة، وربما ثلاث ساعات على أفضل تقدير على اعتبار أننا نقضي تلثي اليوم الأولين في العمل
نيفين من إديرنة، وهي مدينة صغيرة تقع في الجانب الغربي من تركيا، أي في الجانب الأوروبي من البلد، وهي بالتالي مدينة تحكمها الطبائع والعادات الأوروبية التي تسمح لها باتخاذ صديق، ولكنها تمثل بثقافتها أقلية بين أبناء الجزء الشرقي الذي يميل إلى المحافظة، ويضع اعتبارا للقيم التقليدية ككلام الناس وسمعة الفتاة وسيرتها
ولهذه الأسباب اصبحت فرصتي لبناء علاقة سوية متماسكة بنيفين أشبه بمحاولة المرور من ثقب إبرة، فكلتاهما في عداد المستحيلات، إلى جانب أنني اضطر لاصطحاب إحدى زميلاتي ككموفلاج يستر الصورة الاجتماعية التي يعرف جميع سكان بيت الأتراك أنها مخترقة، وأنه لم يبق منها سوى النفاق الذي يرضي الشرقيين في غالب الأحيان أكثر من الحقائق
اصطحابي لزميلة من زميلاتي بما فيهن من صفات أكرهها عبء مزعج، ولكنني كنت أتحمله لأن البديل الآخر هو أن تخرج معي نيفين مصطحبة زميلة لها في الخمسين تدعى إمامة، وهي وكالة أنباء تمشي على قدمين، ولا تنفك تدس أنفها وتبدي رأيها في كل صغيرة وكبيرة، خاصة وبالتحديد إذا كانت هذه الصغائر والكبائر لا تخصها، ولكن عيبها الذي لم أطق له احتمالا هو انها تتحدث العربية، حيث أنها تسكن أنطاكية على الحدود التركية السورية، وهو عيب يفسد علي محاولة تواصلي مع نيفين التي استمتع فيها أكثر ما أستمتع بأنني لا أفهم لغتها، وبأنها لا تفهم لغتي
إمامة تتطوع بالترجمة في أوقات تتعمد أن تكون غير مناسبة، كأن أكون قد فهمت رطانة نيفين بشكل ما، فتحولها بالترجمة إلى معنى آخر أقل رومانسية أو العكس، وفي الوقت الذي أحتاج فيه إلى الترجمة تتشاغل إمامة بشيء آخر غير الحديث، وبالطبع أحيانا ما كانت تستغل معرفتها باللغة التركية في قيادة الحديث في الاتجاه الذي يحلو لها، ثم يتحول الحديث إلى حوار ثنائي بينها وبين نيفين أقوم أنا فيه بدور المتفرج المبتسم ابتسامة الضيف الذي أدرك أنه غير مرغوب فيه... وكان التصميم الهندسي لعيني إمامة في منتصف وجهها الذي يرتكز على عنق دقيق، والذي يشبه في فائدته العملية التصميم الهندسي لرأس البومة، يساعدها على إحباط محاولاتي لحك ساق نيفين، أو محاولات نيفين للإمساك بيدي من تحت الطاولة
افضل الأوقات كانت دائما تلك التي قضيتها في التحاور مع نيفين على الإنترنت، فقد كانت زميلتها جامزي، الطبيبة التي تسكن إديرنة أيضا، تقوم بالترجمة بيننا من وإلى الإنجليزية، والأسباب وراء استمتاعي بهذه الدردشة كثيرة، فأولا هذه هي الحوارات الوحيدة بيننا التي أفهمها وتفهمها نيفين بالكامل، وثانيا أنها تجري في الأوقات المحرمة أي بعد حظر التجول مما يجعلها إضافة إلى اليوم القصير
إلى جانب ذلك فإنني أحقق من ورائها متعة مزدوجة عندما أتخيل أن جامزي، التي تتمتع بقدر فائق من الجمال المثير، تستمع وتترجم همساتي الرومانسية لزميلتها، بينما أتعمد أن تكون هذه الهمسات على أفضل ما أملك من الحلاوة والرقة وأحيانا من التلميحات الجنسية المكشوفة.. بل أن نرجسيتي تصل إلى قمة النشوة عندما أقول لنيفين أن لا امرأة أخرى تضاهيها جمالا وجاذبية، متمنيا أن تثير كلماتي الغيرة في نفس جامزي كما تثير الغرور في نفس نيفين
ولم يخل الأمر أيضا من بضع مرات استفدت فيها من برودي الفطري بأن ذهبت منفردا إلى بيت الأتراك وقلت لأول من يقابلني، شرقيا كان أو غربيا، أن ينادي نيفين لأننا على موعد، خاصة إحسان، الشاب الخجول الذي لمحت في عينيه اعجابا خاصا بنيفين أثار غيرتي، وكم كانت متعتي تتضاعف عندما يكون إحسان هو الشخص الذي يناديها، والذي يراها وهي ترمي بنفسها في صدري بسعادة لا أظنه يخفق في قراءة معانيها
وسارت العلاقة على ما يرام، نسبيا وبالنظر إلى الظروف، ولم يكن ينغصها سوى فكرة العد العكسي التي كانت نيفين تعبر عنها بالإشارة بأصابعها العشرة منقصة منها إصبعا كل يوم، وكان هبوط إصبع يضيف إلى خطوط الحزن والقلق على وجهها خطا جديدا، ويضيف إلى جنوني بها حلقة جديدة، ولا بأس أيضا بالأحلام المستقبلية التي كانت تزداد بهاء كلما مرت الأيام واقترب الموعد الذي كان لا بد آت
جنوب دارفور- نيالا- الحادي عشر من أكتوبر 2006
وانتهت الأيام، وهبطت كل الأصابع، وجاء اليوم الأكثر إيلاما.. يوم المطار.. ذلك اليوم الذي أضطر أن أقف فيه أمام الأعزاء لأودعهم وأغلب ظني وظنهم أنه الوداع الأخير، وأنا أفضل أن أقف أمام قطار مسرع على أن أقف أمام حبيبة تبكي دموع الوداع.. خير لي أن تنشق الأرض وتبلعني على أن أردد عبارات المجاملة السخيفة التي تفيد بأن العالم صغير وأننا لا نعرف كيف يمكن لصدفة طائشة أن تجمعنا في مكان ما من هذا العالم
قضينا نصف الليلة الأخيرة على صخرة ناتئة تقع على الجانب الآخر من الطريق أمام قصر يلدز.. جلست ملتصقا بنيفين بينما ظلت جامزي تدور حولنا حاملة كاميرتها التي لا تفارقها، وتلتقط صورا لنا تحاول أن توثق بها تلك اللحظات التي لن تتكرر
لا أتصور أن تلك الصخرة على أطراف مدينة نيالا سوف تجمعني بنيفين وجامزي وسميرة وجنيد وإبراهيم وإمامة.. حتى إمامة الكريهة بدت في تلك اللحظة المكثفة شخصا عزيزا.. ولعله تأثير العرق الذي شربنا منه كمية كبيرة في محاولة بائسة للتغيب عن تفاصيل تلك الليلة المؤلمة
تماسكت عن البكاء في المطار بصعوبة شديدة، فلم أكن أريد أن أتسبب في مزيد من الألم لنيفين التي تشي عيناها بأنها لم تنم طوال الليل من شدة البكاء، وكنت أمازحها طيلة وقت الانتظار الذي قضيناه في مطار نيالا، وكنت في الوقت نفسه أتفادى النظر إلى إحسان الذي كان ينتحب كالأطفال ويتعمد أن يفعل ذلك أمامنا مباشرة، ولم يكن منظره يثير في نفسي الشفقة كما كان يثير فيها السخرية، فنيفين ليست جولتي الأولى معه، وقد انتهت جولتي السابقة معه في نفس الميدان، مطار نيالا، وكم أشبهت الليلة البارحة، هو يبكي وأنا أحتضن فتاة تبكي فراقي.. وكأنها مسرحية نؤديها كل ليلة، وينسدل فيها الستار على بطل منتصر وشهيد مهزوم
وعندما غابت نيفين وراء البوابة الإليكترونية، واعتقدت أن من حقي حينها أن أبكي، أطلقت العنان لدموعي التي أمسكتها طويلا فسالت حارة مؤلمة... انهار تماسكي دفعة واحدة، وطاف شريط الذكريات القصير أمام عيني دفعة واحدة.. ولم أملك إلا أن أستدير وأتجه إلى السيارة التي ستقلني إلى المسكن، وقد أغرقت دموعي وجهي وانهمرت علي نظرات الشفقة والتعاطف والتعجب من كل جانب
وألقيت نظرة أخيرة على إحسان الذي بدأ يكفكف دموعه ويستعد هو الآخر إلى الرحيل، وكأنه ظن أنني أعني بنظرتي: "إلى اللقاء ههنا في معركة جديدة"، بينما لم أكن أقصد أكثر من أن أقول له إننا في الهم سواء، ويبدو أن الدموع في عينينا حرمتنا راحة هذه النظرة المتعاطفة
انا ما كنتش اعرف انك بتكتب حلو قوى كدة 000دة لطيف خالص خالص لدرجة انى قضيت الوقت كلة بقول لنفسى is it a short story or true ؟....if it's a story so he's genius if it's true he's a genius flirt
ReplyDeleteلازم تقولى مع كل بوست ..بليز اوعى
تنسى
بيسان
البلوج بتاعك تحفة، وبدون مبالغة إنت كاتب مدهش
ReplyDeleteبلال فضل
إنت كاتب كبييييييير
ReplyDeleteإنت أكيد مشهور في حتة تانية ومتنكر في صورة بلوجر
الحاجات دي لازم تكون حقيقية
good luck بع إعلن بقا عن شخصيتك الحقيقية
يا سيدي انا ولا مشهور ولا حاجة، إقرا العنوان كويس، أنا أكتب لأكتب، لا ليقرأ الآخرون، تفتكر حد مشهور أو بيحب الشهرة ممكن يكتب الكلام ده؟
ReplyDeleteأنا حتى مش مشهور كبلوجر، وتلاقيك انت الوحيد اللي قرا الموضوع أصلا
Sleepless
ايه الاجرام ده؟
ReplyDeleteانت بتهدد مكانة بهاء طاهر في قلبي يا وغد..
انت انتهكتني
وأطحت ببعض التوازن الذي تبقي لي
أنت ممكن أعمل فيك حاجة
أنا أخدت قرار إني أكتب حلو ردا عليك
يااااااااااااااااه
ReplyDeleteشكراً يا درينى
i can smell danger in the air..:o)..loved it ya IBRAHIM..
ReplyDeleteRADWA FOUAD
كنت اعتقد ان الحزن والفرحة لا يجتمعان ولكنك فعلتها
ReplyDeleteياااه يا استاذنا
ReplyDeleteجميله لاقصى حد
جواها كتير
سلمت يمناك
amazing story!you surprise me with every new word i read for you! where have you been hiding all this talent and warm feelings!
ReplyDeletesuch stories should be published in a book to reach more people! and cause simply books are more enjoyable (i think!). good luck ya ibrahim
menna wahby
يا حلاوة ده مين اللى كاتب تعليق باليابانى ده اظن انه يابانى مش صينى طبعا الفرق بينهم واضح....بس هو فعلا السن ده بيكون خطر:)
ReplyDelete