الخرطوم الثامن والعشرون من نوفمبر 2005
وكأنني أحتاج إلى المزيد من الضغوط، حكمت علي ظروف العمل بالمبيت مع مديرتي في تلك الشقة الصغيرة بالطابق الخامس، والتي لا توجد فيها غير غرفة نوم واحدة بها سريران صغيران، حملت حشية أحدهما إلى أرضية الصالة واستلقيت عليها استعدادا للنوم
آنا دا سيلفا سيدة بريطانية تخطو نحو منتصف الأربعينات، واسمها الذي اشتهرت به في الأصل كخبيرة في الشئون الأنجولية هو آنا ريتشاردسون، أما دا سيلفا، فهو لقب زوجها، اللاجئ الأنجولي الأسود الذي كان له حظ الفوز بهذه المرأة الجميلة
منذ قابلت هذه السيدة للمرة الأولى وأنا عاجز نهائيا عن رفع عيني عن صدرها الذي حباه خالقه بجاذبية خاصة، وبذل في نحته أقصى فنون التكوير والاستدارة.. وأصبحت أسير هذين النهدين الرجراجين أنظر إليهما في بلاهة ودون تفكير كوثني شاخص إلى صنمه، يعتبر النظر إلى غيره خطيئة
ويبدو أن المرأة بداخل آنا قد أدركت أنها تسيطر علي سيطرة كاملة، ويبدو أنها بدأت تتلذذ بنشوة هذه السيطرة، وبدأت أنثاها الباطنية في حملة تعذيب منهجية منظمة علي.. أنا المنهار أصلا وأساسا، ولا يجوز في التعذيب كما لا يجوز في الميت ضربا
فبمجرد عودتنا من الخارج خلعت آنا سروالها وبقيت بكنزة بيضاء لا أكمام لها ولباس تحتي يظهر من جسدها بياضا كالنفير يعزف مع إيقاع النهدين ألحانه المجنونة على أوتار أعصابي المحترقة
وجلسنا في الشرفة وقد وضعت ساقا على ساق ليتقلب مركز عبادتي الوثنية بين الصدر والساقين صعودا وهبوطا في هيستيرية صامتة جعلتني أشبه بالدرويش الذي أدرك الحقيقة ففرت روحه من جسده لتندمج في ربه الرخامي الكامل بلا عوائق أو حواجز
ودار بيننا حوار لم أدرك منه كلمة واحدة، ولا أذكر حتى ماذا كان محوره وموضوعه، فأنا هائم في فلك الرغبة الدانية، لا مقطوعة ولا ممنوعة، ولكنها محاطة بسياج مكهرب من السلطة والتجبر كتبت عليه لافتة تقول: انظر كما شئت، وتخيل ما شئت، ولكن إياك أن تقترب من السياج، فإنك هالك لا محالة
وذهبت إلى فراشي الذي قضيت الليلة عليه كالمطرود من الجنة التي يفصلني عنها حائط سخيف، لو نفثت فيه بعضا من رغبتي لأذبته في لحظة، وبت مستيقظا رغم تعبي يأبى النوم الاقتراب من عيني، كما هي العادة منذ قبلت هذه الوظيفة التي بدأت في تخريب عقلي منذ اليوم الأول
واستيقظت آنا في الخامسة فجرا لتلحق بطائرتها المتجهة إلى جوبا في أقصى جنوب السودان، ووجدتني مستيقظا فلم يبد عليها العجب، بل وكأنها كانت لتتعجب لو وجدتني نائما بعد أن مستني بتلك الشحنة السحرية التي تعرف أكثر من غيرها فعلها في نفس هشة كنفسي
ونزلت معها طوابق خمسا حاملا حقيبتها إلى التاكسي الذي طلبته لها ليقلها إلى مطار الخرطوم، ولم تشكرني على حمل حقيبتها، ولكنها استدارت بعد أن وضعت حملي الثقيل في المقعد الخلفي للتاكسي ولفت ذراعيها حول عنقي وضمتني إليها بقوة تاركة ليدي حرية اختيار بقعة في ظهرها أضمها منها إلى صدري الذي تعالت فيه ضربات قلبي بشكل لا بد وأنها سمعته وفهمت بفطرتها ما يفصح عنه، وإلا لما أطالت الضمة حتى هدأ روعي واستكنت بين يديها كعصفور لا حول له ولا قوة
ربما لم تشعر آنا بشيء مما دار بنفسي طوال الليل ولم تدرك ما صورته لي خيالاتي المراهقة، وربما كان احتضانها لي مجرد امتنان لإجادتي في عملي على مدار شهر كامل، وربما ما كانت تقصد شيئا على الإطلاق، ولكنها وإن لم تقصد أعادت خلال هذه الليلة رجولتي إلى مرحلة تعليم الأبجدية بعد أن كنت أظن أنني بزواجي وببعض الخيابات السابقة عليه قد وصلت بهذه الرجولة إلى مرحلة النضج، واعترفت بأميتي الجنسية المخجلة، وبدأت مرحلة جديدة واقعية من ذكورتي والفضل لأستاذية الجسد المخضرم
No comments:
Post a Comment